أمريكا تحذر وروسيا تهدد والفصائل تترقب
يرصد هذا التقرير الحراك الساخن الجاري مؤخراً حول المنطقة الجنوبية؛ وتصعيد النظام فيها وتهديداته؛ إضافة إلى دخول قاعدة حميميم على خط التهديدات؛ ويستطلع التقرير رأي الخبراء والقادة الميدانين في التصعيد الأخير من خلال:
-
هل لا تزال التوافقات الدولية حول المنطقة الجنوبية قائمة.
-
السيناريوهات القادم للمنطقة الجنوبية بحسب رأي الخبراء.
-
كيف تقرأ فصائل الجنوب التحذيرات الأمريكية؟.
-
هل يستطع النظام شن هجوماً عسكرياً دون روسيا وإيران؟.
-
إسرائيل وكسر ظهر إيران في المنطقة.
معبر نصيب المعادلة الصعبة.
المدخل
تشهد منطقة “خفض التصعيد” في درعا جنوبي سوريا، تطورات وأحداث متلاحقة عنوانها الأبرز التحذيرات الأمريكية “شديدة اللهجة” لقوات الأسد والميلشيات المساندة له، من مغبة خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وأنها أنها ستتخذ إجراءات صارمة ومناسبة رداً على انتهاكات نظام الأسد، بصفتها ضامناً لمنطقة تخفيف التصعيد مع كلٍ من “روسيا والأردن”.
تحذيرات الولايات المتحدة الأمريكية، قابلها تراجع من النظام عن نيته القيام بأي عمل عسكري في المنطقة، ففي وقت نقلت فيه وسائل إعلام روسية عن القائم بأعمال سفارة النظام في الأردن “أيمن علوش” قوله: إن النظام ليس بحاجة لعملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية جنوب البلاد، وأن هناك إمكانية لإجراء حوار سلمي في المنطقة”، اعتبر مراقبون أن تلك التصريحات مؤشر واضح على رضوخ النظام للتحذيرات الأمريكية.
وسبق تلك التحذيرات، بحسب مصادر محلية، إلقاء طيرانه الحربي مناشير على قرى وبلدات درعا والقنيطرة، طالب من خلالها الفصائل العسكرية بإلقاء السلاح مهددًا إياهم بالقيام بعمل عسكري، بالتزامن مع رصد تعزيزات عسكرية لقوات النظام صوبَ مدينة درعا، قابلها انسحاب للميلشيات الإيرانية باتجاه مناطق أخرى.
كما سبقها أيضًا، التهديدات التي أطلقتها قاعدة “حميميم الروسية” بإنهاء اتفاق خفض التصعيد في درعا، بحجة وجود تنظيمي “داعش والنصرة” لتبرير حملتها العسكرية.
وأعربت الولايات المتحدة في بيان لها صدر في (26 أيار/مايو الحالي)، اطلع عليه “مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي”، عن قلقها من التقارير التي أشارت إلى عملية وشيكة لنظام الأسد في جنوب غرب سوريا ضمن حدود منطقة تخفيف التصعيد، التي تم التفاوض عليها بين الولايات المتحدة والأردن وروسيا في العام الماضي، وتم التأكيد عليها بين الرئيسين “ترامب وبوتين” في فيتنام في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
منطقة توافق دّولي:
المحلل السياسي “سامر خليوي” اعتبر أن المنطقة الجنوبية هي منطقة “توافق دّولي” ما بين الأطراف “أمريكا وروسيا والأردن وإسرائيل”، ومن هنا لا النظام ولا روسيا بإمكانهم أن يخرقوا هذا التوافق بمفردهم.
وأضاف في حديثه لمرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي، أن روسيا والنظام لا ثقة بهم، فقد ألغوا مناطق خفض التصعيد في الغوطة وريف حمص الشمالي، ولو استطاعوا لا ألغوا كل مناطق خفض التصعيد.
ورأى أن تهديدات النظام وروسيا للمنطقة الجنوبية، فهي تأتي في سياق ايهام أهل المنطقة أنهم الهدف القادم للنظام وروسيا، بغية الوصول مع أهل المنطقة الى ما يسمى بالمصالحة مع النظام دون الحاجة لعمليات عسكرية، وإن تم لها ذلك ستبعد الأطراف الاخرى الراعية للاتفاق وتحقق مكاسب مجانية.
وتابع أن هذه المحاولة مكشوفة للجميع ولن تحقق أهدافها، خاصة بعد تهديد الولايات المتحدة لنظام الأسد من مغبة القيام بعملية عسكرية في منطقة خفض التصعيد الجنوبية، مؤكدًا أن الأمور ستبقى كما هي ريثما يكون هناك اتفاق اخر بين الأطراف المعنية، لافتًا إلى عدم إغفال “إسرائيل” واصفًا إياها بأنها “حجر الزاوية” بهذه المنطقة.
العميد “إبراهيم الجباوي” ذهب بدوره إلى ما تحدث به خليوي” وقال: إن هناك معادلة دّولية تحكم منطقة الجنوب لا يمكن لروسيا أو النظام أن تخالف تلك المعادلة أو تشذّ عنها، وبالتالي فإن روسيا لا يمكن أن تعمل على مخالفة بنود اتفاقية خفض التصعيد في الجنوب التي رعتها إلى جانب كلٍ من أمريكا والأردن، لذا تعمل روسيا بشكل دؤوب على أن تتجه للمقلب الأخر وهو سيناريو المصالحات، لأنها تدرك أن لا أحد في المجتمع الدولي بإمكانه أن يرفض المصالحات، وبالتالي هي تحاول عقد مصالحات وهمية في كل المناطق علهّا تتمكن من قضم مناطق أوسع لصالح النظام.
وفيما يخص التحذيرات الأمريكية للنظام، فاعتبر “الجباوي” أن أمريكا الراعية لاتفاق خفض التصعيد في جنوب سوريا، لن تقبل ولا بشكل من الأشكال أن تُضرب رعايتُها بعرض الحائط لا من روسيا ولا من النظام، وبالتالي أصدرت تحذيراتها للنظام وأجرت اتصالات مع روسيا لحثّها على المحافظة على هذا الاتفاق، لأنه لو حالت روسيا تجاهل تلك الرعاية فإنها ستكون شرارة لحرب لا تحمد عقباها في المنطقة.
ولفت الانتباه، إلى أن الأمور ماتزال ضبابية في المنطقة الجنوبية، واصفًا التهديدات الروسية ومن خلفها النظام بأنها مجرد “بروبغندا” لا تقدم ولا تؤخر هدفها إضعاف الروح المعنوية لدى الحاضنة الشعبية والثوار.
“المنطقة الجنوبية” والسيناريوهات القادمة:
وعلى الرغم من مضي نحو ثمانية أشهر من اتفاق خفض التصعيد في نقاط في المنطقة الجنوبية، إلا أن قوات النظام وميلشياتها لم تتوقف عن ارتكاب الخروقات، بحسب ما أفاد به ناشطون، يدعمها في ذلك الصمت الواضح من الطرف الضامن “روسيا”.
وقال “أبو محمد الأخطبوط” قائد الجبهة الوطنية لتحرير سوريا”: إن روسيا تريد من الجنوب ما أرادته من الغوطة ومن ريف حمص ومن القلمون الشرقي، وهو تسليمها هذه المناطق لميليشيات الأسد وأعوانه، مع فارق جوهري بسيط شكلا لكنه مهم جدًا في المضمون وهو تحقيق تسوية طويلة مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة التي تطالب دوما إبعاد إيران وكل ما يتعلق بها عن الحدود الإسرائيلية.
وتابع قائلاً: لهذا فإن روسيا تريد إنجاز الأمر قبل نفاذ المشروع الأمريكي في المنطقة، وتحقيق التسوية مع الاسرائيليين لتضمن استقرار بلادنا التي تسيطر كليّا عليها، أو على الاقل بنسبة باتت تفوق 80 %.
وهاجم القيادي في الجيش الحر مناطق “خفض التصعيد” مشيرًا إلى أن نتائجها لن تقود إلا إلى النهايات المؤلمة، وقال: إن الجميع بات يعلم حجم الضغط الدولي على فصائل الجيش الحر، والذي اتضح جليًا في كل ما سمي بمناطق خفض التصعيد والتي كان أخرها “الغوطتين وريف حمص الشمالي”، بدعم وضغط دّولي كبير لمصلحة الأسد بموجب اتفاقات آستانا التي لطالما حذرنا منها في بيانات عدة وأكدنا على أن نتائجها لن تقودنا إلا إلى هذه الخواتيم المؤلمة.
وتحدث “الأخطبوط” عن المصير الذي يواجه فصائل الجبهة الجنوبية، والذي بات يشبه فرض الاتفاق الذي تم في الغوطة وفي حمص مع فروقات بسيطة أن العمل في الجنوب له حساسيته وسيستغرق مع فريق آستانا “المتواطئ” ضد مصالح السوريين وحريتهم وقتًا أطول.
وأضاف، أن هذا الأمر سيفرض عليهم تقسيم الجنوب لأربع مناطق، وسيتعاملون مع كل منها بشكل مختلف من حيث الضغط والمناورة، إلا أن هدفهم واحد في جميع المناطق ويساندهم لتحقيقه التوافق الدولي من جهة وتشتت الفصائل وتبعية بعضها الأكبر لأجندات دول تعتبر شريكة في “سلسلة جرائم آستانا” من جهة أخرى.
التحذيرات الأمريكية من وجهة نظر فصائل الجبهة الجنوبية:
وعن رأيه فيما يتعلق بالتحذيرات الأمريكية للنظام، رأى “الأخطبوط” أن الولايات المتحدة تريد الثمن من الروس، ولا تريد شيئا من النظام، لأنها تعرف أن النظام لم يعد يملك شيئا ليعطيه، وما تعودنا عليه هو أن الولايات المتحدة تضغط على النظام وتهدده وتضربه، لكي تساوم الروس في الملف السوري أو في ملفات أخرى خارج الشرق الأوسط، فتشابك المصالح بينهم أكبر مما نتخيل وأوسع من تحجيمه فقط بالملف في سوريا.
إلا أن “أبو قصي” قائد “فوج الهندسة والصواريخ بدرعا” كان له وجهة نظر أخرى معتبرًا أن التحذيرات الأمريكية حدثت سابقا في مناطق أخرى ولم تأتي أكلها، وقال: نحن نعتمد على صمود أهلنا وترابط جبهاتنا، والخيار العسكري مطروح على الطاولة وبشدة، وخيار المقاومة وكسر الاعتداء هو الطريق الوحيد”.
ووصف “أبو قصي” مناطق “خفض التصعيد” بالسيناريو المضحك من قبل الروس والنظام، كونهم هم من يعلنون بدايته وهم من يعلنون انتهائه حسب تفرغهم لغزو المناطق، معتبرًا أن موضوع “خفض التصعيد” بالنسبة لهم كفصائل هو فسحة من الوقت للاستعداد والتجهيز لأسوء سيناريو.
فيما رأى الناطق باسم “جيش الثورة” في درعا “أبو بكر الحسن” أن التحذير الأمريكي جاء كرد فعل طبيعي، كون الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة ضامنة للاتفاق، وهذا التحذير جاء رسالة واضحة للأطراف جميعها أن واشنطن جادة باستمرار سريان هذا الاتفاق.
ولم تقتصر وجهات النظر بالنسبة للتحذيرات الأمريكية على قادة فصائل الجبهة الجنوبية، بل امتد ليشمل الفعاليات المحلية والخدمية.
وفي هذا الصدد قال “عماد البطين” نائب رئيس مجلس محافظة درعا الحرة: إن النظام لم يلتزم أبدًا بمناطق “خفض التصعيد” وحاول إحداث اختراق على أكثر من جبهة، ولم يستطع تحقيق أي تقدم وكان الجيش الحر دائماً بالمرصاد.
ولفت إلى أن الجديد في الأمر هو أن روسيا تؤيد خطط النظام بالجنوب، إلا أن الأمر أكثير من مجرد مسألة “تهديد” فقد شاركت روسيا من قبل بمعركة “الموت ولا المذلة” إلى جانب النظام وفشلت.
وأضاف، أنهم قاموا بإبلاغ أصدقاء الشعب السوري والضامن الأمريكي بما تخطط له روسيا والنظام ضد المنطقة الجنوبية، وعلموا أن الضامن الأمريكي لم يتخل عن الاتفاق، مشيرًا إلى أنه الاتفاق الوحيد الذي تضمنه أمريكا والأردن
ومن هنا تبرز دلالات التحذير الأمريكي لروسيا والنظام، فأمريكا أرادت إيصال رسالة مفادها أن الجنوب السوري يخضع لعدة اعتبارات دولية وليس الأمر متاحاً للروس أو غيرهم أن يعبثوا فيه.
ماذا لو شن النظام هجومًا عسكريًا على منطقة “خفض التصعيد” جنوب سوريا؟
وفي ظل الأحداث المتسارعة التي تلقي بظلالها على المنطقة الجنوبية، استبعد مراقبون ارتكاب النظام أي “حماقة” ضاربًا بعرض الحائط التحذيرات الأمريكية، لما في ذلك من تداعيات لا تحمد عقباها، نظرًا للجاهزية التامة لفصائل الجبهة الجنوبية.
وفي هذا السياق قال العميد “إبراهيم الجباوي”: إنه فيما إذا قرر النظام أن يخرق “خفض التصعيد” فإنه أمام سيناريوهين اثنين، الأول إما أن يكون بموافقة روسيا وهذا لا يمكن أن تقبل به أمريكا ولا يمكن أن تتجرأ روسيا على ذلك ولن تعطي الضوء الأخضر للنظام، لأن التفاهمات الامريكية الروسية حول سوريا واضحة وكل طرف يعرف أين هي حدود الطرف الآخر، لذا سيكون النظام لوحده.
وأضاف، أنه في حال بقي النظام وحيدًا وقرر القيام بعمل عسكري ضد المنطقة الجنوبية فإنه أمام سيناريوهين محتملين أيضًا، فإما أن يظل لوحده أو تشاركه الميلشيات الإيرانية والطائفية وميلشيا حزب الله، فإذا حاول القيام بعمليات عسكرية بمساندة تلك الميلشيات فإنه سيواجه اعتراضًا” اردنيًا واسرائيليًا” على دخول تلك الميليشيات كونها ستقترب من حدود منطقتها، مرجحًا في الوقت ذاته أن يكون النظام لوحده وأنه سيكون الخاسر الأكبر.
من جهته رأى “أبو محمد الأخطبوط” قائد الجبهة الوطنية لتحرير سوريا”، أنه من الأجدر توجيه هذا السؤال لكل من “روسيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل”، مضيفًا وبحسب توقعاته فإن ما يتم الترويج له الأن هو أن اشتعال الجنوب هو قنبلة موقوتة ستشعل المنطقة، في حين أن الشيء الذي تقتنع به الفصائل هو أن مستوى التنسيق فيما بين تلك الأطراف وخصوصًا بين “الروسي والأمريكي والإسرائيلي” لن يسمح بأكثر من عدة معارك لتثبيت مصالح أو تثبيت حدود متفق عليها مسبقا بينهم ، بينما الطرف “الإيراني” فالجميع رأى كم تعرض للصفع والضرب والإهانة من قبل الإسرائيليين مع ربيبه “نظام الممانعة والمقاومة” وحلفائهم وميليشياتهم، ولم يجرؤوا على الرد الفعلي أبدا إلا أنهم استمروا بإمطار العالم بالبيانات المهددة فقط ، واقتصار الأمر على مجرد الكلام.
أما الناطق باسم جيش الثورة في درعا “أبو بكر الحسن” فذكر أن نجاح أي حملة عسكرية ضد مناطق فصائل الجبهة الجنوبية معدومة بالنظر للوضع العسكري الداخلي، مضيفًا أن النظام وحلفاءه خبروا ثبات مقاتلي الجبهة الجنوبية في معركة “الموت ولا المذلة” التي استمرت لأشهر ولم يستطع النظام ومن يسانده من الميليشيات التقدم شبرًا واحدًا، بل على العكس خسرت المليشيات السيطرة على حي “المنشية” في مدينة درعا جنوب البلاد.
ويرى “الحسن” أنه لا يمكن التكهن بمواقف هذه الدول، إلا أنه مما لا شك فيه أن تلك الدول تتحرك بناء على مصالحها، ومن مصلحة كل من “الولايات المتحدة والاردن وإسرائيل” عدم توسع النظام للمنطقة الجنوبية، لأن هذا التقدم سينتج عنه نصف مليون لاجئ إلى الاردن وما لهذا من تبعات أمنية واقتصادية، كما أن سيطرة النظام على المنطقة تعني زيادة خطوط التماس، التي من الممكن أن تضغط من خلالها مليشيات إيران بما فيها حزب الله على “إسرائيل”.
“إسرائيل” وكسر ظهر إيران في المنطقة:
مما لا شك فيه، بحسب محللون، أن اتفاق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية تهدف من خلاله أمريكا لحماية الحدود الإسرائيلية، والحدّ من تمدد إيران باتجاه تلك الحدود الإسرائيلية، لذا فإن الموقف الإسرائيلي من خرق النظام وميليشياته لاتفاق خفض التصعيد يتماهى مع التحذيرات التي أطلقتها أمريكا لرأس النظام بشار الأسد ومن يسانده.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية الإعلامي “خالد خليل” أكد في حديثه لمرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي، أن إسرائيل لن تسمح بالتواجد الإيراني بالقرب من حددوها، وأنها عازمة للذهاب إلى النهاية لمنع التموضع العسكري الإيراني ليس فقط في المنطقة الجنوبية بل في عموم سوريا.
وقال “خليل”: إن هناك أصوات من داخل اسرائيل تنتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” وتطالبه بمنع تواجد إيران في الجبهة الجنوبية، ولكن نتنياهو رأس الحربة وبقيادة ائتلافه اليميني المتطرف، ينوي كسر ظهر إيران في سوريا.
وأضاف، أن الجبهة الجنوبية محمية ليس فقط من إسرائيل بل متداخلة دّوليا، وهي من مصلحة إسرائيل والأردن ومن مصلحة بريطانيا أيضًا كون لها قاعدة شرق منطقة التن، كما أن أمريكا كذلك لن تسمح بهذا الشيء.
ويرى “خليل” أن روسيا جاهزة للتفاوض فيما يتعلق بمصير إيران، مرجعًا ذلك إلى وجود “شرخٍ” في الحلف “الإيراني الروسي” وأن روسيا مستعدة للتضحية بإيران ولكن لم تتضح التسوية بعد.
معبر “نصيب” والمعادلة الصعبة:
وتفيد الأنباء الواردة من جنوبي سوريا، عن تسوية في الجنوب السوري تسعى إليها ” روسيا” في ظل الحديث عن اتصالات تجريها مع فصائل الجبهة الجنوبية فيما يتعلق بإعادة فتح معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، مقابل عدم القيام بأعمال عسكرية.
وقال “أبو محمد الأخطبوط” قائد الجبهة الوطنية لتحرير سوريا”: إنه سبق واتفق في “آستانا” على تسليم معبر نصيب للنظام ، وكل العالم يعرف أن الجبهة الوطنية لتحرير سوريا كانت الوحيدة التي تصرفت بموجب عهودها مع الشعب السوري الثائر، والوحيدة التي تزامنت استجابتها للمطالب الشعبية الحرة مع تحركها العسكري العاجل لمنع تسليم المعبر منذ عام تقريبًا، وقد نجحت في ذلك بفضل الله تعالى وفضل تظافر جهود معظم ثوار الجنوب مع صفوف الجبهة الوطنية لتحرير سوريا، وحمايتهم لمطالب الشعب الثائر الذي كان حاسمًا في رفضه تسليم المعبر لنظام القتل والإجرام في دمشق دون ثمن ودون ضمانات، أقلها كان تحرير المعتقلين وفك الحصار عن المدن السورية المحاصرة.
إلا أن الواقع تغير اليوم، بحسب “الأخطبوط”، الذي عزا ذلك إلى ترك ثوار الجنوب وحدهم في الميدان، يضاف إلى ذلك الضغوط الدولية الهائلة والتي باتت أكبر من ذي قبل، كما أن الضغط الروسي أصبح مضاعفًا بعد أن استفرد بالجنوب ، وبالتالي فهو يطمح لاستعادة معبر” نصيب” وتسليمه للنظام بموجب توافق دولي لفتح طريق تركيا الخليج خلال ثلاثة أشهر حسب اتفاق آستانا الأخير، ومن ثم اعادة السيطرة في مرحلة ثانية على كل المناطق المحررة شرقي طريق (دمشق- درعا)، ومن ثم تأتي مرحلتي “درعا والقنيطرة” لاحقا بعد أن يحكموا تضييق الخناق علينا في هذه المناطق.
بدوره، أكد “عماد البطين” نائب رئيس مجلس محافظة درعا الحرة، أن الموقف من معبر “نصيب” كان ومازال موقفًا ثابتًا ومتفقًا عليه مع كل الفعاليات الثورية من جيش حر ومؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني، وهو أن المعبر يتم فتحه في حال تم الالتزام بثوابت الثورة وعدم التفريط بسيادة الثورة على المعبر.
وتابع، أنه لن يتم فتح المعبر إلا بعد عودة كل المهجرين إلى قراهم دون سلطة لعصابات الإجرام عليهم، وكذلك لابد من إخراج كل المعتقلين والمعتقلات أولًا قبل التفكير بفتح المعبر أمام الحركة، لافتًا إلى أن كل ذلك يجب أن يتم في إطار الحل الشامل للمسألة السورية وفق ثوابت جنيف واحد، الذي يضمن رحيل عصابة الإجرام ومحاكمة القتلة المجرمون أمام المحاكم الدولية.
ووافقه بالرأي القيادي “أبو بكر الحسن” والناطق باسم جيش الثورة في درعا، والذي بيّن أنه لا يمكن الرضوخ لمسألة تسليم المعبر مقابل اي ثمن كان، وأشار إلى أن المنطقة الجنوبية تعيش شبه حصار لأعوام طويلة وقاسية، وهي عاشت كل تلك الفترة بدون معبر وبدون اتفاق خفض تصعيد، ورغم ذلك حافظت على وجودها في المنطقة، لذا فإن المعبر بالنسبة للفصائل هو ورقة رابحة بيد الثورة وليس عبئ عليهم.
أما العميد “إبراهيم الجباوي”
فقال: إنه كما تسعى روسيا لفتح معبر “نصيب” فإن هناك مصلحة للأردن أيضًا بذلك، وهناك مصلحة للثوار بفتح المعبر ولكن ليس بشروط النظام، بل بشروط توافق المجتمع الثوري والثوار في الجنوب، فقد دُفع مئات من الشهداء لتحرير المعبر ولن تقبل الحاضنة الشعبية ولا حتى الثوار بمنحه من جديد للنظام.
هذه الدراسة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.



